يتميز الأشخاص الناجحون عادة بصفات عدة مشتركة، قد تكون إحدى أبرزها: القدرة على ضبط النفس أمام المغريات اليومية؛ مثل: الراحة مقابل العمل، أو وجبة سريعة مقابل طعام صحي. ويتمتع هؤلاء عادة بصحة أحسن وعلاقات أقوى ومهن أفضل، كما يبدون أكثر رضا عن حياتهم، ولا يواجهون إحباطا في نهاية كل عام؛ لأنهم غالبا ما يحققون أهدافهم.
فإذا كنت يائسا ومحبطا من ضعف إرادتك، لا تزال أمامك فرصة لتقوية عزيمتك.
ما أهمية قوة الإرادة؟
حدد عالم النفس في جامعة ولاية فلوريدا والباحث في قوة الإرادة روي بوميستر، 3 مكونات ضرورية لتحقيق الأهداف؛ “فتحتاج أولا معرفة دافعك للتغيير، وتحديد هدف واضح. ثانيا، عليك مراقبة سلوكك وتطوره نحو ذلك الهدف، بينما تعدّ قوة الإرادة ثالث خطواتك الحاسمة لتحقيق النتيجة المرجوة”.
أما الرابطة الأميركية لعلم النفس، فعرّفت بدورها مفهوم قوة الإرادة بأنه “القدرة على مقاومة الإغراءات على المدى القصير، من أجل تحقيق أهداف طويلة المدى”.
وحسب استطلاع رأي أجرته الرابطة لقياس قدرة المشاركين على اتباع نمط حياة صحي، أكد 27% من المشاركين أن الافتقار لقوة الإرادة أهم عائق أمام التغيير.
كذلك كان ضبط النفس أكثر أهمية من معدل الذكاء في التنبؤ بالنجاح الأكاديمي، وفق دراسة أجراها باحثون في جامعة بنسلفانيا على نتائج اختبارات طلاب المدارس، فكانت نتائج الطلاب المنضبطين أفضل مرتين من نتائج الطلاب الأذكياء، وفي النهاية، نجح المنضبطون في الالتحاق بجامعات أفضل من الأذكياء.
كيف تقوّي إرادتك؟
- 1- قاوم الإغراءات
يعدّ إجبار النفس على التركيز، وتذكر الأهداف، وكبح الرغبات العاطفية أسهل وسائل كسر العادات السيئة. واختبر عالم النفس والتر ميشيل قبل 40 سنة قدرة الأطفال على ضبط النفس من خلال اختبار يسير، فقدّم قطعة مارشميلو للطفل، ثم قال له، إن المشرفة ستغادر الغرفة لبضع دقائق، مع إعطاء الطفل فرصة الاختيار بين أكل القطعة في الحال، أو الانتظار قليلا، وأخذ قطعتين مكافأة على صبره.
مرت 40 سنة، ثم تتبع باحثون من كلية الطب في جامعة واشنطن، أفرادا شاركوا في تجربة المارشميلو قديما، واكتشفوا أن الاختلافات في قوة الإرادة بين المشاركين ما زالت راسخة، وتحلّى المشاركون الذين قاوموا إغراء المارشميلو قديما، بقدرة أكبر على إنجاز الأهداف، والتعامل مع المواقف المحبطة، على عكس من أخفقوا في مقاومة إغراء المارشميلو، فزادت بينهم نسب التدخين، والإخفاق الأكاديمي.
- 2- التزم بالروتين
هناك سبب وراء ارتداء أنجح المديرين التنفيذيين شكل الملبس نفسه كل يوم، وضّحه المدرس والباحث السريري في جامعة كيس ويسترن ريزيرف في كليفلاند غرانت بيغناتيللو، الذي قال، إن هؤلاء الأشخاص لا يحبون إرهاق أنفسهم باتخاذ القرارات، كي لا يضعف حكمهم على الأمور، أو يتخذون قرارا عاطفيا.
سلك المديرون سبيلا لـ “أتمتة” الاختيارات اليومية في حياتهم، ويمكنك حذو حذوهم، بالاقتصاد في إنفاق طاقتك الذهنية، وإرساء عادات؛ مثل: الالتزام بجدول تمارينك الرياضية، بدلا من إضاعة وقتك في التفضيل بين التريض أو السهر أمام التلفاز.
هناك إستراتيجية أخرى تتمثل في صياغة النيات في عبارة: “إذا حدث (شيء ما)، إذن سأفعل (تصرف ما)”؛ مثل: ” إذا دخلت مطعما، سأطلب دجاجا مشويا”.
لاحظ باحثون في جامعة تورنتو أنك كلما مارست ضبط النفس، فإن نسب السكر في الدم تنخفض، ويؤدي إلى تراجع نشاط المنطقة المسؤولة عن الإدراك في الدماغ.
ولاستعادة قوة الإرادة، نصح الباحثون بشرب عصير ليمون محلّى بالسكر، كذلك نصح باحثون من جامعة ألباني بالتوقف عن إرضاء الناس، واتخاذ قرارات مدفوعة برغباتك الخاصة.
وكان للمزاج أيضًا أثرًا على استعادة قوة الإرادة، فنجح باحثون في رفع الحالة المعنوية لمشاركين أنهكهم ضبط النفس عن طريق عرض مقاطع فيديو كوميدية، ومنحهم هدايا.
كما درس باحثون في قسمي الطب الوقائي والعلوم السلوكية بجامعة راش، العلاقة بين ضبط النفس والنظام الغذائي، ونبهوا إلى ضرورة التحكم في البيئة المحيطة، لتفادي التعرض لإغراءات، كي لا تواجه تحديات مهلكة.
- 4- راقب ما تأكل
نشر موقع كلية الطب بجامعة هارفارد تقريرا ربط بين ما يأكل الإنسان، ومشاعره، وسلوكياته من جهة أخرى. أشار التقرير إلى ضرر كبير بالدماغ، وضعف في وظائف المخ، تسببه الأنظمة الغذائية القائمة على نسب عالية من السكريات اليسيرة، كما أنها مسؤولة عن اضطرابات المزاج؛ مثل: الاكتئاب، والإحباط.
ونصح مؤلف التقرير باتباع نظام غذائي غني بالخضروات والفاكهة والحبوب الكاملة والأسماك، وكميات قليلة من اللحوم خالية الدهون، ومنتجات الألبان، والابتعاد عن الأطعمة المصنعة، والمكررة، والمحلاة.
أضف تلك الأطعمة لوجباتك تدريجيا، وراقب مشاعرك؛ لن يمر أسبوع من دون أن تلمس تحسنا جسديا ونفسيا.