تناول برنامج “تأملات” قصة رجل وجد شخصا خائفا، مذعورا، فأغاثه وأجاره وخبأه في بيته، ثم اكتشف أن هذا الرجل الخائف هو قاتل أبيه الذي يبحث عنه منذ سنين طويلة.. فماذا فعل معه؟.
فلما أفضت الخلافة إلى بني العباس كان من جملة من اختفى من الأمويين إبراهيم بن سليمان بن عبد الملك، والذي ظل مختفيا حتى أضناه وأضجره الاختفاء، فأخذ له الأمان من أبي العباس السفّاح.
وسأل السفّاح يوما الرجل المختفي: حدثني عن أعجب ما رأيت في اختفائك. فقال له الرجل: يا أمير المؤمنين كنت مختفيا في الحيرة في منزل مشرف على الصحراء، فكنت على ظهر البيت، فرأيت جماعة معها أعلام سود.
ويتابع الرجل: فحسبت أنهم يريدونني، فهربت إلى الكوفة، وأنا لا أعرف من أختبئ عنده، فبقيت متحيّرا في أمري، فنظرت فإذا باب كبير فدخلته، فرأيت في الدار رجلا وسيما لطيف الهيئة.
وقال الرجل الوسيم لمن دخل بيته -كما يروي الرجل المختفي للسفّاح- من أنت؟ وما حاجتك؟ فرد عليه بالقول: رجل خائف على دمه جاء يستجير بك. ويقول إنه أدخله إلى بيته وأخفاه في حجرة.
ويواصل الرجل في سرد قصته مع الرجل الوسيم: فأقمت عنده، آكل من الطعام أحسنه، وألبس من اللباس أجمله، وهو لا يسألني شيئا عن حالي.
وكان الرجل الوسيم يركب كل يوم من الفجر ولا يرجع إلّا قبيل الظهر. فقلت له يوما -كما يروي المتحدث- أراك تدمن الركوب ففيم ذاك؟ فرد عليه: بلغني أن إبراهيم بن سليمان بن عبد الملك مستخف وقد قتل أبي، فأنا أبحث عنه لآخذ ثأري منه.
ويقول إبراهيم بن سليمان، فلما سمعت ذلك ضاقت الدنيا في عيني، وقلت: كيف سقت نفسي إلى حتفها. فسألته عن اسمه واسم أبيه فأخبرني، فعلمت صدقه وكنت قد قتلت أباه.
ويروي إبراهيم بن سليمان أنه قال للرجل الذي استضافه في بيته: وفاء لحقك علي أريد أن أدلك على ضالتك، فقال: أين هو؟، قلت أنا إبراهيم، فتبسم وقال: هل آذيناك في شيء حتى تفضل الموت على جوارنا.
ورد إبراهيم: والله أنا إبراهيم، وقتلت أباك في يوم كذا وكذا، فخذ ثأرك مني، ويضيف: لما سمع كلامي وعرف صدقي، اربدّ وجهه واحمرت عيناه وطرق مليّا، ثم قال: أما أنت فسوف تلقى أبي عند حاكم عدل يوم القيامة.
وتابع الرجل الذي قتل أبوه يقول لإبراهيم: أما أنا فلا أخون ذمتي، ولكن امض ولا تقم عندي فإني لا آمن نفسي عليك. ويقول إبراهيم : فأعطاني ألف دينار فلم آخذها وخرجت من عنده وهو أكرم رجل رأيته يا أمير المؤمنين..