مقالات
لا يقف عدوان الاحتلال في القدس المحتلة، عند مكونٍ بعينه، فمنذ عام 1967 يتعرّض جميع الفلسطينيين في المدينة المحتلة لمحاولات الطرد والاجتثاث من القدس، ومن أبرز هذه الفئات مسيحيو القدس، الذين يشكلون جزءًا لا يتجزأ من…
بين مُتهم لـ “حماس”، وفصائل المقاومة بالتطرف والإرهاب، ومناصر لإسرائيل بوصفها تمثيلًا للحضارة الغربية في الشرق الأوسط، وبين من يعتبر فلسطين أرض الميعاد وأصل الشعب اليهودي، وأنها كانت “أرضًا بلا شعب، لشعب بلا أرض”، وبين من يعتبر طوفان الأقصى اعتداءً من حماس على إسرائيل لم ينتج سوى الخراب والدمار والموت، وأن الحل، كما تراه السلطة الفلسطينية، هو السلام، حتى وإن كان يعني في القاموس الصهيوني الاستسلام والخضوع، والقبول بالإبادة الجماعية لشعب أعزل، بين كل هذا وذلك، تغيب تفاصيل كثيرة، ومعطيات تاريخية وأخرى أنثروبولوجية، تكشف الوجه الحقيقي للاستيطان الإحلالي الصهيوني لأرض فلسطين. وتُخفي أن الأصل في المقاومة هو السلمية، وأن الحياة…
أيام قليلة تفصل الرئيس المنتخب دونالد ترامب عن تسلّم منصبه، ودخوله البيت الأبيض حيث أعيد انتخابه لولاية ثانية في الانتخابات التي جرت في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وفاز بها على المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، بعدما انسحب الرئيس المرشح جو بايدن من السباق الانتخابي لصالح هاريس. هي أيام، ولكنّ تسارع الأحداث وتطوراتها يجعل ترامب يجدها أشهرًا لا بل سنوات؛ بسبب النظام الأميركي الذي يسمح للرئيس المنتهية صلاحياته بممارسة مهامه كاملة إلى حين التسلم والتسليم. سيدخل ترامب البيت الأبيض، آملًا أن تنطفئ حرائق أشعلتها إدارة الرئيس بايدن عمدًا، وأخرى أُشعلت بفعل عوامل لم تحدد، لكنّ ترامب وجه اللوم إلى إدارة بايدن أيضًا؛…
من المتوقّع أن تُبرم “اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة” بين روسيا وإيران خلال زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى روسيا في 17 يناير/كانون الثاني 2025، وهي ذات الاتفاقية التي كان مقررًا توقيعها منذ عام 2017، ولكنها لم تأتِ إلا بعد الانسحاب المفاجئ للدولتين من سوريا، وهو الأمر الذي يدفعنا إلى البحث في دوافع تفعيل الفكرة في هذا التوقيت. من منظور تاريخي، من الممكن القول إن العلاقة بين إيران وروسيا تتسم بالتقلب، حيث يمكن وصفهما غالبًا بأنهما منافسان أكثر من كونهما شريكين. ورغم أن هذه المنافسة التاريخية ما زالت تظهر في مجالات مختلفة، مثل الساحة السورية، فإن العقوبات الاقتصادية والتحركات العسكرية التي…
ماشيًا على رصيف في باريس واجهتني سيارة آتية في الاتجاه المعاكس. فجأة فتح سائقها نافذتها ليصرخ فيّ: يا كلب، يا بيوّع.. و”البيوّع” في اللهجة التونسية هو بائع الوطن، أي الخائن في أفظع تجلياته. لا شكّ أنه من أنصار المنقلب- المغتصب الذي لا يفتح فمه في أي مناسبة إلا لإدانة المتآمرين والخونة أمثالي، وأمثال نخبة من رجالات تونس القابعين في سجونه إلى اليوم. المسكين هو متأكد أنني “بيوع” لكنه متحيّر لا يدري لمن بعت الوطن، وكم قبضت، وأين خبّأت المال الحرام. عبث مواجهة بيادق السلطة بحجج من نوع: وطنيتنا التضحية بأنفسنا من أجل قيم ومبادئ، ووطنيتكم التضحية بالآخرين من أجل امتيازات…
اسمحوا لي أن أكون صريحًا جدًا – أنا متعب من سماع المسلمين يشتكون من الانقسام. يؤلمني كثيرًا رؤية العديد من أفراد مجتمعي ينضحون بإحساس من اليأس والإحباط؛ بسبب اعتقاد خاطئ بأن الأمة منقسمة، وبالتالي نحن جميعًا “خاسرون”. أعلم أن هذا التشاؤم ينشأ بشكل أساسي من مشاهدة العنف والظلم الذي يتعرض له إخواننا وأخواتنا في الدين في العديد من البلدان ذات الأغلبية المسلمة، مع إفلات واضح من العقاب، في سياق صراعات جيوسياسية مختلفة. ومع ذلك، كمسلمين، لدينا مسؤولية بعدم اليأس. يشجعنا ديننا على التأمل الذاتي، والالتزام بـ “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”. وهذا يتطلب تحليلًا دقيقًا وإذا لزم الأمر، نقدًا للوضع…
تناولنا في الجزء الأول من هذا المقال ملامح ومؤشرات الركود الديمقراطي، وأشرنا إلى حجم الانحسار الذي تعيشه فكرة الديمقراطية وتراجع زخمها حتى في معاقلها التقليدية كالولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية. كما عرضنا لتداعيات هذا “الركود” على منطقتنا التي لا تزال تكافح من أجل التغيير والإصلاح والديمقراطية. بيد أن هذا التراجع لفكرة الديمقراطية، أو انحسار زخْمها كنظام حكمٍ في العالم، لا يمنع من الوقوف عند مؤشرات كثيرة معاكسة تؤكد تطلعات الشعوب وكفاحها في أنحاء العالم من أجل “الديمقراطية”، ورؤية بلدانها تُدار بنظام حكم رشيد، حيث لا يشير الجدل الفكري والسياسي اليوم إلى غير الديمقراطية، كمنظومة حكم هي الأكثر مقبولية، أو إن…
ليس كل ما سندلي به من أفكار وتساؤلات، يقع بالضرورة “خارج الصندوق”. بعضها من داخله وبعضها الآخر من خارجه، هذا ليس مهمًا، فالأهم منه، أن حالة “الاستعصاء” المتحكّمة بالمشهد الفلسطيني الداخلي الراهن، والممتدة لما يقرب من عقدين من الزمان، باتت تملي اعتماد مقاربات مغايرة، فليس من الحكمة أن تمضي القوى الفلسطينية الفاعلة، فصائل وشخصيات ومجاميع ومؤسسات، في الرهان على “استخراج الزبدة من الماء”، وليس من الفطنة، سلوك الطريق ذاته مرارًا وتكرارًا، وانتظار الوصول إلى نهايات مختلفة. وضع حدٍ للدوران العبثي في الحلقة المفرغة ذاتها، بات شرطًا ومتطلبًا، للتصدي بكفاءة، لاستحقاقات المرحلة الإستراتيجية الجديدة، التي يبدو أن الفلسطينيين، شعبًا وقضية ومقاومة…
أفضت التطورات المفاجئة على صعيد المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والتي تلاحقت وقائعها على كل محاور القتال منذ مطلع هذا العام، أفضت يوم السبت 11 يناير/ كانون الثاني إلى هزيمة قوات الدعم السريع على يد الجيش السوداني في محور ولاية الجزيرة وعاصمتها (ود مدني) وتقدمه في محور الخرطوم بحري ومصفاة (الجيلي) أحد أكبر معاقل تمركز قوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم. وقد اعترف قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ (حميدتي) في تسجيل صوتي منسوب له بهزيمة قواته في ولاية الجزيرة، وقال معلقًا على ذلك: (خسرنا جولة ولم نخسر المعركة). وسبق أن قال حميدتي نفس الشيء…
في مطلع الأسبوع الماضي سلمت لجنة نيجل لفحص ميزانية الدفاع وبناء القوة في الجيش الإسرائيلي، تقريرها النهائي إلى رئيس الوزراء ووزير المالية ووزير الدفاع. وبعد بحث المخاطر والتحديات المرتقبة في العقد المقبل، أوصت بزيادة ميزانية الدفاع ابتداء من هذا العام، 9 مليارات شيكل (الدولار 3.7 شيكلات)، على أن تتراوح ما بين 9-15 مليار شيكل إضافية في كل سنة من السنوات الخمس المقبلة. وبحسب ما نشرت الصحافة الإسرائيلية، فإن اللجنة أوصت بزيادة 133 مليار شيكل إلى ميزانية الدفاع خلال العقد المقبل. وتثير هذه الزيادة المطلوبة مخاوف كبيرة في إسرائيل من تأثيرها على الاقتصاد، حيث يتوقع أن تعود ميزانية الدفاع لاستهلاك ما…
توجد ست قضايا على رأس المهام العاجلة للرئيس اللبناني الجديد جوزيف عون، أولها تداعيات الحرب التي شنتها إسرائيل على حزب الله، والمرشحة للاندلاع من جديد في ظل تلويح إسرائيل بعدم الانسحاب من جنوب لبنان، وثانيها قطع الطريق أمام أي تصرفات تعمق الخلاف بين الطوائف، وتضعها على حافة حرب أهلية جديدة، ورابعها اتخاذ إجراءات ينتظرها الشعب اللبناني؛ بغية تحسين أوضاعه الاقتصادية الصعبة، وخامسها جعل الدولة تحتكر للسلاح، أما السادس فيتمثل في وجود مسائل دستورية عالقة. لكن هناك مهمة دائمة وراسخة أمام أي رئيس لبناني، يزيد حضورها في الوقت الراهن، ألا هي “إدارة النخبة السياسية اللبنانية” ذات النزوع الطائفي المتعارف عليه، والذي…
بين عامي 1926 و1927، أوفدت صحيفة “اليغيثروس لوغوس” اليونانية الكاتب والروائي اليوناني نيكوس كازانتزاكيس إلى فلسطين لتغطية احتفالات عيد الفِصْح عام 1926. نشر كازانتزاكيس مشاهداته هذه في الصحف اليونانية خلال نفس العام. وفي عام 1927، صدرت الطبعة الأولى من كتابه “ترحال”، الذي تضمن ملاحظاته عن فلسطين، مصر، إيطاليا، وقبرص. نظرًا لحساسية ما كتبه عن فلسطين في تلك الفترة، تُرجم الكتاب إلى العربية عام 1989 على يد منية سمارة، ومحمد الظاهر، ونشرته مؤسسة خلدون في عمّان. يقع الكتاب في 85 صفحة من الحجم المتوسط، ويتناول الكتاب عدة عناوين أبرزها ما يلي: نحو أرض الميعاد افتتح كازانتزاكيس رحلته بتساؤل فلسفي عميق: “إلى…
في لحظة تاريخية فارقة، نجح الجيش السوداني في تحقيق انتصار جديد على قوات الدعم السريع السبت 11 يناير/ كانون الثاني 2025، بإحكام سيطرته على مدينة ود مدني، ثاني أكبر المدن السودانية وعاصمة ولاية الجزيرة وسط البلاد، وأقرب المدن للعاصمة الخرطوم. هذا التقدم العسكري ليس مجرد نصر ميداني، بل يمثل تحولًا إستراتيجيًا في مسار الصراع الدائر وانتهاء الحرب لصالح صيانة الدولة الوطنية، ودليلًا على كفاءة الجيش السوداني وقدرته على استعادة زمام المبادرة في مواجهة واحدة من أخطر التحديات التي تهدد وحدة البلاد واستقرارها. وليست ود مدني، بموقعها الجغرافي الحيوي وأهميتها الاقتصادية والاجتماعية، مجرد مدينة؛ فهي رمز للصمود والإرادة الوطنية، مما يجعل…
سوريا ما بعد سقوط نظام الأسد أمام تركة ثقيلة لأنّ ما جرى يوم 8 ديسمبر/كانون الأول كان سقوطًا مدويًا بكل المقاييس. وهو سقوط لأنه اختار ألا يواجه حتى النهاية، حيث غادر رأسه الأسد الابن تحت جنح الظلام تاركًا كل شيء حتى أخاه. وهو مدوٍ لأنه انكشاف مذهل للمعلوم المستور من بنيته كنظامٍ تمركز حول قضية جعلها كقميص عثمان يستبيح بذريعتها شعبه وبلده لحدٍ أذهل العالم مما شاهده على الشاشات من معالم للقمع والتنكيل الذي مورس على أوسع مدى، فطال السوريين بمختلف انتماءاتهم وطوائفهم ومعهم عرب وأجانب، ولأن حقيقته المفجعة هي أنه ليس إلا نظامًا دعيًّا في قضيته المركزية، إذ سارعت…
لم يكن سقوط نظام الأسد في سوريا في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول أمرًا متوقعًا لدى أي من دول المنطقة أو العالم، بل حتى لدى إدارة العمليات العسكرية التي قادت العملية، رغم إصرار بعض المحللين على أنه أمر مخطط له. فتصريحات القيادة العسكرية، وتصريحات دول المنطقة حتى بعد انطلاق الحملة العسكرية كانت تتحدث عن عمليات عسكرية ضيقة في حلب وريف إدلب؛ بهدف إسكات قصف النظام على المعارضة وقتها، و”ردع العدوان” الذي استمرّ به النظام السوري رغم الاتفاقيات المتتالية في جنيف وأستانا، وغيرها. بيدَ أن انهيار الجيش السريع والمفاجئ أمام تقدم مقاتلي قيادة العمليات العسكرية أدى إلى ارتجال خطط جديدة والإسراع…
دعونا نتوقف لحظة.. لنترك الأفكار القديمة، والتصورات المسبقة، والتحيزات جانبًا، فلقد دخلنا مرحلة تتغير فيها الجيوسياسة في الشرق الأوسط والعالم. وإذا لم نفهم هذا التغيير، فسنكون على الجانب الخطأ من التاريخ، وسنفوت فرصة التكيف مع هذه التغيرات. دعوني أشرح لكم هذه الجيوسياسة المتغيرة. الزخْم الذهبي حدثت ثورة في سوريا، وفي 11 يومًا فقط سقط نظام البعث الذي دام 61 عامًا، وفي تلك الفترة، بدأ ما كان يُعتبر سابقًا “منظمة إرهابية” يظهر قدرة غير متوقعة على إدارة الأمور في دمشق، مما فاجأ الجميع. كيف يمكن أن يحدث هذا؟ بعد زياراتي المتكررة إلى سوريا، كان هذا من أكثر الأسئلة التي طُرحت عليَّ…