مقالات

لم تترك إسرائيل لحلفائها مجالًا للمناورة، ولا ما يكفي من الهامش للتلاعب باللغة. الدولة التي تحاكم بتهمة إبادة بشرية، قائدها مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، والكاميرات تنقل على مدار الساعة الحدث الأكثر بربرية ووحشية منذ الحرب…

قراءة المزيد

عبر تاريخ النضال ضد الاستعمار، سعت القوى المهيمنة إلى استخدام إستراتيجيات متعددة لضبط المقاومة والحد من تأثيرها. لم تقتصر هذه الإستراتيجيات على القمع المباشر أو البطش العسكري، بل امتدت لتشمل محاولات أكثر تعقيدًا تستهدف الوعي والإرادة الجماعية للشعوب المناضلة. ضمن هذا الإطار، يظهر مفهوم “سد الذرائع” كأداة سياسية يُراد منها كبح الفعل المقاوم؛ بحجة الحفاظ على الاستقرار أو تجنب التصعيد. في السياق الفلسطيني، تأخذ هذه السياسات بُعدًا خاصًا نظرًا لتداخل العوامل السياسية والاجتماعية في ظل واقع استعماري طويل الأمد. يتجلى مفهوم “سد الذرائع” هنا كآلية لضبط الفعل النضالي، حيث يتحوّل من وسيلة لحماية المجتمع إلى ذريعة لتجميد أي تحرك يهدد…

لم تكن نكبة فلسطين لتنشأ دون ارتكاب العصابات الصهيونية المذبحة تلو الأخرى بحق الشعب الفلسطيني والتضييق عليه ومصادرة أراضيه وممتلكاته على مدى أكثر من 30 سنة بدعم وغطاء من الاحتلال البريطاني وبتسهيل من الاتحاد السوفياتي سابقًا ودول أوروبا الشرقية وأميركا لدخول الأسلحة للعصابات الصهيونية. جاءت النكبة وبكل مكوناتها من قتل وتطهير عرقي وتهجير للشعب الفلسطيني واستقدام للملايين من الغزاة الصهاينة امتدادًا للمؤتمر الصهيوني الأول الذي عقد بزعامة ثيودور هرتزل في مدينة بازل في سويسرا يوم التاسع والعشرين من أغسطس/ آب عام 1897، ومما جاء في مقررات المشروع الصادر عن المؤتمر: “تهدف الصهيونية إلى إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين…

أعلن حزب العمال الكردستاني حلّ نفسه وإلقاء السلاح بعد أكثر من أربعة عقود من الحرب الانفصالية التي خاضها ضد تركيا، ما يفتح الباب على مرحلة مختلفة في البلاد باستحقاقات عديدة. تركيا بلا إرهاب بعد عهود من المظلومية الكردية في تركيا، وأفكار لم تتحول لمشاريع حقيقية مع قادة من أمثال الرئيس الراحل تورغوت أوزال ورئيس الوزراء الراحل نجم الدين أربكان، أتت المشاريع العملية لحل المسألة الكردية في تركيا مع العدالة والتنمية بقيادة أردوغان الذي اعترف لأول مرة عام 2005 بوجود ما أسماه “مشكلة كردية” في تركيا. وبعد عدة إصلاحات سياسية وقانونية، بدأت عام 2009 مفاوضات سرية بين جهاز الاستخبارات التركي والحزب…

مع زيارة الرئيس دونالد ترامب منطقة الخليج اليوم، الثالث عشر من مايو/ أيار 2025، تتزايد التوقّعات وتتضاعف الرهانات. إذ تمثل هذه الزيارة لحظة مفصلية في عملية إعادة ضبط الانخراط الأميركي في الشرق الأوسط. ففي ظلّ تحولات جيوسياسية سريعة – بدءًا من تجدد المسار الدبلوماسي مع إيران، وسقوط نظام الأسد، وصولًا إلى استمرار الحرب المشتعلة في غزة – يُتوقّع أن تتناول محادثات ترامب مع القادة الخليجيين قضايا إستراتيجية آنية، إضافة إلى رؤى بعيدة المدى تتعلق بالأمن، وفرص السلام، والتحول الاقتصادي. وعلى عكس ولايته الأولى، التي اتسمت بسياسات متشددة تجاه إيران وسوريا، تُعدّ هذه الزيارة فرصة لترامب ليتبنى نهجًا دبلوماسيًا أكثر مرونة…

في السابع والعشرين من فبراير/ شباط 2025، أعلن عبدالله أوجلان، مؤسس تنظيم “بي كا كا” الإرهابي، في رسالة بعث بها من سجنه، قرار التنظيم، حلّ نفسه أيديولوجيًا. وجاء في الرسالة ما نصّه: “إن الدولة القومية المنفصلة، والنظام الفدرالي، والاستقلال الإداري، والحلول المبنية على الاعتراف بالهُويات الثقافية، بوصفها نتاجًا حتميًا للنزعة القومية المتطرّفة، لم تعد قادرة على تقديم إجابة مناسبة للسوسيولوجيا المجتمعية التاريخية. فقد أدّى انهيار الاشتراكية الواقعية في تسعينيات القرن الماضي لأسباب داخلية، إلى جانب تفكك سياسة إنكار الهُوية داخل البلاد، والتطورات التي طرأت على حرية التعبير، إلى إفراغ (مشروع) بي كا كا من معناه، وإلى الوقوع في فخّ التكرار…

تكتسب زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى مِنطقة الخليج، المقرّرة بين 13 و16 مايو/ أيار 2025، أهمّية استثنائية في ظلّ التحديات الجيوسياسية والاقتصادية المتفاقمة في الشرق الأوسط. وبينما تتناول اللقاءات ملفات الاستثمار والطاقة والأمن الإقليمي والسلام، يبرز “مشروع مارشال السوري” كبند محتمل على جدول المباحثات، بوصفه رؤية إستراتيجية متكاملة لإعادة إعمار سوريا، وإعادة ضبط التوازن الإقليمي عبر التنمية لا النزاع. ما هو مشروع مارشال الأميركي؟ هو برنامج اقتصادي ضخم أُطلق عام 1947 لإعادة إعمار أوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية. سُمّي المشروع باسم وزير الخارجية الأميركي آنذاك، جورج مارشال، وتم تقديمه رسميًا في 5 يونيو/حزيران 1947. بلغت قيمته 13 مليار…

باغتت المباحثات المباشرة بين الولايات المتحدة وحركة حماس، إسرائيل والتي أنتجت اتفاقًا على إطلاق سراح الأسير الإسرائيلي- الأميركي عيدان ألكسندر من الأسر. فاجأت هذه المباحثات والاتفاق إسرائيل، والذي يُكرر سيناريو الاتفاق بين الولايات المتحدة وجماعة أنصار الله الحوثي في اليمن. وفي الحالتين، جاء الاتفاق الأميركي مع لاعبين سياسيين من دون الدولة، وشمل تحقيق مصالح أميركية، مع الحوثي بتأمين الملاحة البحرية الأميركية، ومع حركة حماس بإطلاق سراح أسير يحمل الجنسية الإسرائيلية. وفي الحالتين تُركت المصالح الإسرائيلية جانبًا، مع الحوثي لم يشمل الاتفاق وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل وحرية تنقل السفن الإسرائيلية، ومع حماس لم يشمل إطلاق سراح المزيد من الأسرى الإسرائيليين،…

يتيه هنتنغتون بعيدًا في التواريخ القديمة فيتّبع خط سير الشعوب والحضارات والإمبراطوريات في كرّها وفرّها. ثم يرتد كموجة في بحر هائج إلى الأزمنة المعاصرة المثقلة بالصراعات والمعبّأة بتناقضات لا تلتئم. ومن خلال كل ذلك تراه يلهث وراء البحث عن القوانين الحاكمة لصدام الحضارات. وحين يرسو على “جُودي” التناقضات الثقافية، يؤسس قواعد صارمة لحالة الاشتباك الدائم، خاصة في عمق دوائر الصدع التي ترشح بأسباب الحروب والتوترات الشديدة والعلاقات المعقدة. واليوم بعد أكثر من ثلاثة عقود تفصلنا عن أول ظهور للكتاب (1993)، ها هو “صدام الحضارات” يستعيد راهنيته من خلال إطلاق المقاومة الفلسطينية جولة جديدة من الصراع سمّتها “طوفان الأقصى”. وهي تطورات…

يُحدث نهج ترامب، الذي يتميز بأسلوبه القائم على الصفقات، والمرتكز على عقيدة “أميركا أولًا” والسعي لاستعادة عظمتها، واستعداده للضغط على الحلفاء، والانخراط المباشر مع جهات فاعلة غير حكومية، وتجاهله المحتمل للأعراف الدبلوماسية التقليدية والإجماع الدولي، تحولًا في العلاقات وديناميكيات القوة في منطقة الشرق الأوسط. ويشمل هذا التحول تغيير موقف الولايات المتحدة تجاه إسرائيل، وتركيا في قضايا محورية مثل سوريا، والتأثير العميق على السياسات الداخلية في دول مثل الأردن، وتوفير خلفية تعيد فيها القوى الإقليمية تقييم إستراتيجياتها، وتسعى إلى إقامة تحالفات جديدة. كما يستغل اللاعبون الإقليميون، رغبة ترامب في إبرام الصفقات لدفع أجنداتهم الخاصة المتعلقة بقضايا حيوية تمسّ مصالحهم الوطنية. وتشهد…

كثيرًا ما تكون العلاقات الشخصية بين رؤساء الدول وكبار المسؤولين، مدخلًا لحلحلة العديد من الأزمات العالقة أو دفع العلاقات الثنائية إلى محطات أكثر تقدمًا. فالرئيسان التركي، رجب طيب أردوغان، والأميركي، دونالد ترامب، يتمتعان بعلاقات شخصية متميزة، منذ الولاية الأولى لترامب، يعول عليها الجانب التركي كثيرًا لحلحلة المسائل العالقة بين الدولتَين. ففي يوم الاثنين 5 مايو/ أيار، أجرى الرئيسان محادثات هاتفيّة، بحثا فيها عدّة ملفات إقليمية ودولية مهمّة، حيث وصفها أردوغان بأنّها “كانت مثمرة للغاية وشاملة وصادقة”، الأمر الذي اتّفق معه فيها ترامب. لكن الملاحظ أنّه وبعيدًا عن فحوى الاتصال، فقد بدا واضحًا حرص الرئيسين على إضفاء شكل من أشكال الحميمية…

مع عمليات التجويع والقتل المنهجية التي تقوم بها إسرائيل في قطاع غزة أمام نظر العالم، وانشغال الرأي العام العالمي بمتابعتها، يعمل الاحتلال على تمرير تصعيده في ملفات أخرى ساخنة في الساحة الفلسطينية دون أن ينتبه العالم لخطورة ما يجري، حتى إذا انتهت الحرب في غزة فوجئنا بواقع جديد في مواقع أخرى بعيدة عن القطاع. ولعل أبرز المواقع التي يحدث فيها ذلك الآن هو المسجد الأقصى المبارك. فالاحتلال يعمل دون كلل يوميًا على إدخال تغييرات جوهرية في الوضع القائم في المسجد الأقصى وصناعة واقع جديد على الأرض؛ استغلالًا للصدمة التي ما زال العالم كله – ناهيك عن الشعب الفلسطيني – يعيشها…

شهد يوم الأحد، 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، منعطفًا تاريخيًا في المشهد السوري مع إعلان سقوط نظام بشار الأسد، وسيطرة إدارة العمليات العسكرية، متبوعًا بتعيين حكومة تسيير أعمال مؤقتة. يأتي هذا التحول بعد أربعة عشر عامًا من النزاع المسلح الدموي الذي بدأ مع انطلاق الحراك الشعبي السلمي في مارس/ آذار 2011، عندما خرج السوريون مطالبين بالحرية والكرامة وبناء دولة ديمقراطية تقوم على انتخابات حرة ونزيهة. مع نهاية حقبة حكم آل الأسد التي امتدت لأكثر من نصف قرن، تواجه سوريا تحديات هائلة تتطلب إرساء أسس جديدة للعدالة والسلم الأهلي. وفي هذا السياق، تبرز العدالة الانتقالية كنهج أساسي للانتقال من مرحلة النزاع…

نشرت في الفترة الأخيرة شخصيات سياسية وأكاديمية ومدنية نصوصًا من خارج الصندوق أكدوا فيها، كل حسب خلفيته ورؤيته، حاجة تونس الراهنة إلى طي صفحة الماضي القائم على التنافي والإقصاء والفرز الأيديولوجي الحاد، وإلى فتح عهد جديد قوامه الاعتراف المتبادل بعيدًا عن الطهورية والشيطنة، والحوار بدل التنافي والقطيعة؛ من أجل بناء تعاقد سياسي يقوم على مبادئ مشتركة، تؤسّس لحالة وطنية جديدة. أثارت هذه النصوص جدلًا بين من ثمّنها ورأى فيها أفقًا جديدة للعملية السياسية، وبين من شكّك في نوايا بعض أصحابها لسابق أدوارهم السلبية في إعاقة الانتقال الديمقراطي، وبين من يرى أن شروط نجاحها غير متوفرة بالقدر الكافي. السؤال: هل تمثل…

الفاشيون والأوليغارشيون الذين يسعدون بتقديم القلم وأوامر السلطة لدونالد ترامب لا يشنّون حربًا على “الدولة العميقة” أو “اليسار المتطرف” أو حتى من أجل “حمايتنا من معاداة السامية”، بل يشنّون حربًا على الحقيقة القابلة للتحقق، وعلى سيادة القانون، وعلى الشفافية والمساءلة. وهي قيم لا يمكن أن تتحقق إلا بوجود صحافة حرة، وحق في المعارضة، وثقافة حيّة، وفصل للسلطات، بما في ذلك وجود قضاء مستقل. كل هذه الركائز التي يقوم عليها المجتمع المفتوح- كما أوضحت في كتابي “موت الطبقة الليبرالية”- كانت قد تآكلت قبل وقت طويل من وصول ترامب. الصحافة، بما في ذلك الإذاعات العامة، والمؤسسات الأكاديمية، والحزب الديمقراطي، وثقافة رأس مالية مبتذلة،…

لولا أنّ الخصومة غير الراشدة، والتدخلات الخارجية الخبيثة، هي التي تتحكم في السياسة السودانية، لكان دستور عام 2005، الذي تم التوافق عليه بين القوى الوطنية، يصلح أن يكون أساسًا صالحًا لتأسيس وحدة نموذجية بين الشمال ذي الأغلبية المسلمة والثقافة العربية، وبين الجنوب ذي الثقافة الأفريقية الغالبة والديانات المتعددة. ولكان إجابة منطقية لكل الجدل الذي استطال عن علاقة الدين بالدولة، فقامت بسبب ذلك الحروب والمعارك، وتعمقت به الانقسامات، وتفرقت المسالك. لقد احتوى ذلك الدستور جماع الحكمة التاريخية الوطنية، باستيعابه حساسية التعايش في دولة حديثة متعددة الديانات والأعراق، وتحيط بها التحديات من كل جانب، وبلغ النضج الفكري للتيارات السياسية في محتوى تلك…

2025 © اخبار قطر. جميع حقوق النشر محفوظة.